كتبهاأحمد محمود خالد ، في 30 ديسمبر 2007 الساعة: 07:58 ص
** مدخــل:
قال تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ ..
مرت سنة هجرية وما هي إلا أيام ونستقبل سنة هجرية جديدة .. لذلك آثرت أن أقف عند الهجرة وقفة – أقصد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة – ليتعلم أبناؤنا درسًا مستفادًا من هذه الرحلة المباركة ..
والآن هيا بنا نسير عبر هذه الصفحة في رحاب طرف من قصة الهجرة:
** اجتماع المشركيــن:
منذ أن بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم .. والمشركون في مكة مجمعون أمرهم وشركاءهم .. ومن صور تجمعهم وعدم تفرقهم .. أنهم اجتمعوا في دار الندوة؛ ليكون أمرهم شورى بينهم فيما هم فاعلون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أي أنهم أرادوا أن يجتمعوا على شيء واحد يصدون به النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوته .. حتى لا يختلفوا فيما بينهم، فتختلف قلوبهم، ويكذب بعضهم بعضًا ..
نحن أولى منهم بهذا التجمع وعدم التفرق؛ فنكون على قلب رجل واحد .. وما أحوجنا إلى الشورى؛ فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار ..
والمدهش أن زعيم المشركين في مكة منذ بداية حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم هو إبليس لعنه الله .. حيث حضر شخصيًّا وبنفسه هذا الاجتماع الطارئ .. ليكون لهم المرشد والموجه فيما هم عليه عازمون .. لكنه أتى إليهم في صورة شيخ نجدي – من أهل نجد - كبير السن .. فلما رأوه واقفًا على باب الدار .. سألوه: من أنت؟ فكذب عليهم وهو الكذوب .. أنه من أهل نجد .. وأخبرهم أنه يريد مساعدتهم فيما هم مجتمعون لأجله .. وأخذ يفكر لهم ويخطط ..
** فكرة قتل النبي صلى الله عليه وسلم:
ومن أخبث الأفكار التي توصلوا إليها من خلال هذا الاجتماع الضغين .. أن يتخلصوا من النبي صلى الله عليه وسلم، فيقتلوه .. ولكن كيف تتم عملية القتل دون أن يثأر أهل محمد صلى الله عليه وسلم لقتله؟!
فهو من قبيلة لها ثقلها وقدرها ومكانتها بين قبائل قريش .. ولن يسمحوا أبدًا بقتله وإن خالفه بعضهم في دعوته .. لأن هذا من قبيل العار والذلة والمهانة للقبيلة كلها ..
إلا أن أبا جهل بن هشام تولى كبره في هذا الأمر .. وهداه تفكيره اللعين إلى فكرة جهنمية تحول دون أن يثأر أهل محمد له .. وهي أن يأتوا من كل قبيلة بفتى جلد نسيب وسيط .. فيحمل كل واحد من هؤلاء الفتيان الذين تم اختيارهم من القبائل المختلفة سيفًا صارمًا بتارًا .. فيكونوا شركاء في ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد فيقتلوه .. وقال لهم أبو جهل: إنهم إذا فعلوا ذلك، تفرق دمه في القبائل جميعًا .. أي أن قوم محمد وعشيرته لن يستطيعوا أن يقاتلوا كل القبائل في آن واحد ثأرًا لمقتل محمد ..
فكروا في قتله .. فما كان من إبليس اللعين إلا أن وافقهم على سرعة الفور على هذا الرأي .. وشجعهم عليه بحرارة .. وقال: "القول ما قال هذا الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره" ..
يا له من مكر ودهاء .. من قوم هم أهل جفاء .. يؤذون رجلا مشبهًا به في العلاء .. ومشارًا إليه في حسن البهاء .. ومتحدثًا عنه بكل ثناء .. لم يكن معهم من الأشداء .. ولم يُبْدِ لهم إلا العطاء .. وهم يعلمون أن خوفه عليهم قد ملأ الوعاء .. راجيًا ربه أن يكونوا من السعداء .. وأن يباعد الله بينهم وبين كل داء .. فهل هكذا يكون الجزاء؟! .. لكنه ليس في جزع من قدر أو قضاء .. فهو المؤمن بأن الله يفعل ما يشاء ..
لذلك كان قلبه يسكنه الرجاء .. ودمعه يسكب بالبكاء .. حتى أصبحتْ حيلته في الدعاء .. وتارة لا يملك إلا النداء .. ولكن من يسمع نداءه في المساء .. ومن يرفع عنه هذا البلاء .. إلا رب الأرض والسماء !! ..
** رعاية اللـــه:
وبعد أن تفرّقوا على تلك الخطة .. أتى الأمين جبريل عليه السلام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه" .. وهو نهي يحمل في طياته أمرًا بالخروج من مكة والهجرة إلى المدينة ..
وفي ظلمة الليل البهيم عزم المشركون على تنفيذ خطتهم واجتمعوا على باب النبي يريدون قتله .. وهم لا يعلمون أنه مهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر .. وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج من داره .. فطلب من ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن ينام على فراشه وقال له: "إنه لن يخلص إليك شىء تكرهه منهم" .. أي أنه صلى الله عليه وسلم ضمن له الأمان من غدرهم وسوئهم ..
وخرج صلى الله عليه وسلم من داره أمام أعينهم .. إلا أن الله قد طمس أعينهم فأعمى أبصارهم عن حبيبه صلى الله عليه وسلم .. فلم يروه ونثر النبي صلى الله عليه وسلم التراب على رءوسهم وهو يتلو قول الله تعالى: ﴿يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ ..
** النجاة والنصر والتمكين:
وهكذا كتب الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم النجاة من كيد المشركين ومكرهم .. بعد أن مرَّ من بين أيديهم مهاجرًا هو وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة .. وهاجر دون أن يتمكنوا منه أو من صاحبه الصديق .. وكانت هذه الهجرة سببًا لنصرة الإسلام والمسلمين .. وقد عادوا بعد عشر سنوات من المدينة إلى مكة فاتحين لها .. وقد وقف صلى الله عليه وسلم بين أهلها موقف القائد المنتصر الحكيم
** مدخــل:
قال تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ ..
مرت سنة هجرية وما هي إلا أيام ونستقبل سنة هجرية جديدة .. لذلك آثرت أن أقف عند الهجرة وقفة – أقصد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة – ليتعلم أبناؤنا درسًا مستفادًا من هذه الرحلة المباركة ..
والآن هيا بنا نسير عبر هذه الصفحة في رحاب طرف من قصة الهجرة:
** اجتماع المشركيــن:
منذ أن بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم .. والمشركون في مكة مجمعون أمرهم وشركاءهم .. ومن صور تجمعهم وعدم تفرقهم .. أنهم اجتمعوا في دار الندوة؛ ليكون أمرهم شورى بينهم فيما هم فاعلون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أي أنهم أرادوا أن يجتمعوا على شيء واحد يصدون به النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوته .. حتى لا يختلفوا فيما بينهم، فتختلف قلوبهم، ويكذب بعضهم بعضًا ..
نحن أولى منهم بهذا التجمع وعدم التفرق؛ فنكون على قلب رجل واحد .. وما أحوجنا إلى الشورى؛ فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار ..
والمدهش أن زعيم المشركين في مكة منذ بداية حقدهم على النبي صلى الله عليه وسلم هو إبليس لعنه الله .. حيث حضر شخصيًّا وبنفسه هذا الاجتماع الطارئ .. ليكون لهم المرشد والموجه فيما هم عليه عازمون .. لكنه أتى إليهم في صورة شيخ نجدي – من أهل نجد - كبير السن .. فلما رأوه واقفًا على باب الدار .. سألوه: من أنت؟ فكذب عليهم وهو الكذوب .. أنه من أهل نجد .. وأخبرهم أنه يريد مساعدتهم فيما هم مجتمعون لأجله .. وأخذ يفكر لهم ويخطط ..
** فكرة قتل النبي صلى الله عليه وسلم:
ومن أخبث الأفكار التي توصلوا إليها من خلال هذا الاجتماع الضغين .. أن يتخلصوا من النبي صلى الله عليه وسلم، فيقتلوه .. ولكن كيف تتم عملية القتل دون أن يثأر أهل محمد صلى الله عليه وسلم لقتله؟!
فهو من قبيلة لها ثقلها وقدرها ومكانتها بين قبائل قريش .. ولن يسمحوا أبدًا بقتله وإن خالفه بعضهم في دعوته .. لأن هذا من قبيل العار والذلة والمهانة للقبيلة كلها ..
إلا أن أبا جهل بن هشام تولى كبره في هذا الأمر .. وهداه تفكيره اللعين إلى فكرة جهنمية تحول دون أن يثأر أهل محمد له .. وهي أن يأتوا من كل قبيلة بفتى جلد نسيب وسيط .. فيحمل كل واحد من هؤلاء الفتيان الذين تم اختيارهم من القبائل المختلفة سيفًا صارمًا بتارًا .. فيكونوا شركاء في ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ضربة رجل واحد فيقتلوه .. وقال لهم أبو جهل: إنهم إذا فعلوا ذلك، تفرق دمه في القبائل جميعًا .. أي أن قوم محمد وعشيرته لن يستطيعوا أن يقاتلوا كل القبائل في آن واحد ثأرًا لمقتل محمد ..
فكروا في قتله .. فما كان من إبليس اللعين إلا أن وافقهم على سرعة الفور على هذا الرأي .. وشجعهم عليه بحرارة .. وقال: "القول ما قال هذا الرجل، هذا الرأي ولا رأي غيره" ..
يا له من مكر ودهاء .. من قوم هم أهل جفاء .. يؤذون رجلا مشبهًا به في العلاء .. ومشارًا إليه في حسن البهاء .. ومتحدثًا عنه بكل ثناء .. لم يكن معهم من الأشداء .. ولم يُبْدِ لهم إلا العطاء .. وهم يعلمون أن خوفه عليهم قد ملأ الوعاء .. راجيًا ربه أن يكونوا من السعداء .. وأن يباعد الله بينهم وبين كل داء .. فهل هكذا يكون الجزاء؟! .. لكنه ليس في جزع من قدر أو قضاء .. فهو المؤمن بأن الله يفعل ما يشاء ..
لذلك كان قلبه يسكنه الرجاء .. ودمعه يسكب بالبكاء .. حتى أصبحتْ حيلته في الدعاء .. وتارة لا يملك إلا النداء .. ولكن من يسمع نداءه في المساء .. ومن يرفع عنه هذا البلاء .. إلا رب الأرض والسماء !! ..
** رعاية اللـــه:
وبعد أن تفرّقوا على تلك الخطة .. أتى الأمين جبريل عليه السلام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه" .. وهو نهي يحمل في طياته أمرًا بالخروج من مكة والهجرة إلى المدينة ..
وفي ظلمة الليل البهيم عزم المشركون على تنفيذ خطتهم واجتمعوا على باب النبي يريدون قتله .. وهم لا يعلمون أنه مهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر .. وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج من داره .. فطلب من ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن ينام على فراشه وقال له: "إنه لن يخلص إليك شىء تكرهه منهم" .. أي أنه صلى الله عليه وسلم ضمن له الأمان من غدرهم وسوئهم ..
وخرج صلى الله عليه وسلم من داره أمام أعينهم .. إلا أن الله قد طمس أعينهم فأعمى أبصارهم عن حبيبه صلى الله عليه وسلم .. فلم يروه ونثر النبي صلى الله عليه وسلم التراب على رءوسهم وهو يتلو قول الله تعالى: ﴿يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ ..
** النجاة والنصر والتمكين:
وهكذا كتب الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم النجاة من كيد المشركين ومكرهم .. بعد أن مرَّ من بين أيديهم مهاجرًا هو وصاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة .. وهاجر دون أن يتمكنوا منه أو من صاحبه الصديق .. وكانت هذه الهجرة سببًا لنصرة الإسلام والمسلمين .. وقد عادوا بعد عشر سنوات من المدينة إلى مكة فاتحين لها .. وقد وقف صلى الله عليه وسلم بين أهلها موقف القائد المنتصر الحكيم